recent
أخبار ساخنة

قراءة في المجموعة القصصية "ومضات على نار هادئة " للكاتبة والقاصة لطيفة حدادي.

قراءة في المجموعة القصصية "ومضات على نار هادئة " للكاتبة لطيفة حدادي.


قراءة في المجموعة القصصية "ومضات على نار هادئة "
قراءة في المجموعة القصصية "ومضات على نار هادئة " للكاتبة لطيفة حدادي.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إذا كانت القصة القصيرة جدا هي الكتابة التلغرافية ،أو البرقية ،أو الرسالة الخاطفة تلك المعتمدة على التلميح لا التصريح ،فإن المجموعة القصصية جدا" ومضات على نار هادئة " جاءت إسما على مسمى ، في كل قصة ومضة ،حيث صاغت الكاتبة 99 ومضة أي قصة قصيرة جدا ، عنوانها جاء متجانسا مع الصورة الفوتوغرافية و التي التقطها صاحبها بعدسة هاتفه من مدينة إدمونتون بكندا من خلالهما ( العنوان و الصورة ) نخرج بتضاد تعبيري لغوي و مرئي و ثنائيات ، حيث يشكلان غلاف المجموعة القصصية : نار # ثلج / برودة # حر / صقيع # وهج

بعد الغلاف نصادف الإهداء و بعده مباشرة تقديم الدكتور حميد فؤاد و الذي خصه بقراءته الناقدة للنصوص ، يصادفنا بعد التقديم في ص ، 12 ورقة للقاصة بعنوان /لكم حياتكم و لي حياتي / لتنخرط الساردة مباشرة في الحكي في حوالي 82 صفحة .
من خلالها اعطتنا فرصة للتعرف على الجنس الأدبي المميز و لنقترب أكثر من ملامحه و معالمه ،التي تساير عصر السرعة ،لأن المتن القصصي بُنٍي على حجم صغير، بني على التكثيف ،تكثيف الأحداث ،تكثيف الصور.

و يمكننا الرجوع إلى أول قصة قصيرة جدا سنة 1925 لإرنست همنغواي و المؤلفة من ست كلمات / للبيع ...حذاء طفل لم يلبس قط /. علما على أن هناك العديد من النقاد الذين أكدوا عروبية هذا الفن ، و المجال لا يسعنا لذكر فَرْشٍ نظري تاريخي لهذا الجنس الأدبي .

إن المتأمل لهذه المجموعة القصصية القصيرة جدا ، يجدها موسومة بالسخرية تارة ،و بالحزن تارة أخرى...كما نصادف صورا كاريكاتيرية لشخصيات حركتها الساردة كما شاءت إرادتها ،إنها تملك مرجعيات تمتح من فنون عديدة ، من موسيقى و تشكيل و رقص و حكاية و مسرح....الخ
 
إضافة إلى مرجعيات فلسفية و أسطورية ( هوميروس ،عشتروت ... ) كما امتصت من الجغرافيا أماكنها كنحلة تجوب شوارع فاس و ترحل صوب نهر النيل ... و من التاريخ خطوطه الزمنية كذكرها لغرناطة و شخصية سليمان القانوني .....

إن القاصة مزجت عدة تيمات ،غير أنها جعلت تيمات مهيمنة : الألم و الأمل/ الفرح و للحزن / فجاءت غيوم الحزن و مسحة اليأس متصارعة مع شخصية قوية لا تقبل الهزيمة ...فمثلا قصتها " موت الياسمين " جاءت في أربعة أسطر و هيمن الحزن على تلك الأسطر: موت ،هزيمة ،آه ،سم ،وأد ،هشاشة، مغفلات ،سوداء ..

إن القاصة ظلت طيلة الصفحات 82 وفية لروح كل امرأة تصاحب ظلالها ،تغالب الأعاصير و الزلازل ، امرأة لا ترهقها الصعاب ، بل تتخذها فرسا تركب صوتها و ترحل حيث أناها.
 
لقد استطاعت أن تسدل الستار على كل حكاية مؤلمة ،غير آبهة بالرياح الشتوية على حد تعبيرها.
 
لقد حققت الساردة كفاءة نصية معتمدة على مفارقات تقودنا كقراء نحو عصف ذهني ،لتحول الواقع المؤلم إلى حاضر و مستقبل فيه نوع من الصمود و التحدي و الاستماتة..

بقلم الأستاذة والشاعرة أمينة حدادي.



google-playkhamsatmostaqltradent