recent
أخبار ساخنة

قراءة الأستاذة مينة الحدادي في رواية " كفاح امرأة " زينة تكنضيفت للكاتب محمد أولحيان. .

 قراءة الأستاذة مينة الحدادي في رواية " كفاح امرأة "  زينة تكنضيفت للكاتب محمد أولحيان. 

قراءة في رواية " كفاح امرأة "  زينة تكنضيفت للكاتب محمد أولحيان.
 قراءة في رواية " كفاح امرأة " زينة تكنضيفت للكاتب محمد أولحيان.

ما أروع أن يكتب رجل عن امرأة !!

جملة تعجبية قادتني إلى عدة تساؤلات أو فرضيات ، إن كتابة الرجل عن المرأة ربما شهادة اعتراف ،أو ربما إعادة اعتبار ،أو تشريف ، أو ربما محاولة منه لإزاحة الظلم عن الأنثى ... و قد يكون الأمر في بعض الأحيان البحث عن الغفران من هول ما اقترفه في حقها من جور .عموما هي كتابات تضمنت تخليدا لمجهودات الأنثى التي لم تجد من يكتب لها و عنها ......


لا أخفيكم سرا أنني قرأت الرواية بحدس أنثوي مفرط ...

و قد قادني البحث عنها و قراءتها أمرين اثنين : 

- العنوان : كفاح امرأة.....ورد مركبا إضافيا و المرأة فيه نكرة.

و الأمر الثاني عبارة وردت في ظهر الغلاف " فكم من امرأة طُلقت لأنها ضُبطت تشرب الحليب !

إن رواية كفاح امرأة كما جنسها صاحبها توحي من عتباتها الخارجية تعاطف السارد مع المرأة زينة ،والتي تصور حالة العديد من النساء .

الرواية طبعا كانت هدية لقاء ثقافي جمعني بالأخت الفاضلة خديجة السموأل رئيسة فرع سيدي افني ، ذات مساء بفضاء الذاكرة و المقاومة و التحرير ببيوكرى ...

بعد قراءتي للرواية خلفت لدي انطباعا جماليا ممزوجا برؤى و دلالات لا تحتاج إلى تأويل ، لأن المتن الروائي جاء بسيطا في لغته ، واضحا في معانيه ، قاصدا غايته ، 

أحداثها وقعت بجبال الأطلس الصغير ،ببقعة جغرافية من مغربنا العميق ، إنها حياة امرأة موجوعة ،مفجوعة ، و هي حكاية كل امرأة في هذا الوطن، على الأقل زينة تكنضيفت وجدت من كتب عنها ، في حين رحلت العديد من النساء في صمت رهيب ، رحلن و رحلت معهن أحلامهن و طموحاتهن البسيطة و المتواضعة ، قُبرت معهن كل أفراحن المخضبة بالألم .

رواية "كفاح امرأة " حكاية النساء المقهورات و اللواتي اعتبرن أن حياتهن قدر ،حكايتها ذكرتني بكتاب للدكتور مصطفى حجازي بعنوان سيكولوجية الإنسان المقهور الذي تحدث عن المرأة المستلبة اقتصاديا ،و فكريا و جنسيا في البلدان الفقيرة و النامية ،ذكرتني الرواية بالإنسان المقهور و العاجز عن المواجهة ...العاجز عن طرح السؤال ،و لا يؤمن بشرعيته و لا شرعية التغيير و التحول من مناخ سامٍّ و قاتل بحجة القدر و انتظار الفرج في الآخرة ....

يقال المرأة ليس لها حيلة ...هذا قدرها ...لا يد لها فيه ،لا تخلقه ...لا تصنعه، لذلك لابد لها من الاستسلام و الرضوخ و ما بينهما تعيش في دائرة مغلقة ....هي قصص نساء كثيرات سمعت بعضها من الجدات والخالات و الجارات ، منها ما كتبت فيه بعض الكلام و صغت فيه بعض الأحرف ....

يسرقني العطب و القهر الاجتماعي و العاطفي للمرأة ..فأجدني أبتعد عن جوهر القراءة ...دعونا نعود إلى العمل الروائي قيد القراءة و نقف عند شكله الخارجي : 

- رواية من الحجم الصغير تتألف من 149 صفحة .

- محتويات الكتاب ص 5

- رسم تقريبي لموقع ادوكنضيف من خريطة المملكة ص7.

- الإهداء ص9

-المقدمة ص11/12

الفصول 1/2/3/4 من ص 13 إلى ص 146

-معجم الكلمات بالامازيغية ص 147 .


أما البناء الداخلي فأعتقد السارد لجأ الى وحدة الموضوع....و إن تباينت الأحداث و تداخلت الشخوص 

و تعددت الفصول ،فالانسجام و التكامل و الترابط في الأحداث حاضر بشكل جلي مما شكل سلسلة مترابطة حتى غدا المتن السردي الروائي أقرب إلى متن السيرة الغيرية .

إن اسم بطلة الرواية زينة قادنا إلى البحث في المعجم عن دلالاته، فاسم زينة يعني كل ما يتزين به ،كل ما يفاخر به في الدنيا من مال و أثاث و جاه ،كما يقصد به المرأة ذات القلب الكبير ، المرأة الطيبة ، المرأة ذات جمال جذاب،.......لعل السارد منحنا اسما مستعارا لبطلة روايته ، أو هو اسمها الحقيقي ، لكنها امرأة فعلا تميزت بأخلاقها و صدقها ووضوحها ....رغم كل ما تعرضت له من قهر ،و هذا ما جعلنا نكتشف على مستوى الرواية تناوبا محكما بين فاعلية السارد الذي يعرف كل شيء عن الشخصيات ، إنه سارد عليم بحركية الشخوص ، و عارف بدينامية الحدث الذي رتبه وفق فصول الرواية و جاء كالآتي: 

- الفصل الأول: زينة الطفلة :

يقول الكاتب محمد الحيان: لا مستقبل يضمن لزينة و أمثالها من الأطفال أدنى وسائل العيش من طعام و ملبس و علاج ... صعوبة التضاريس ، شح الأمطار، لا ملبس يقيها و أمثالها من حر الصيف و قر الشتاء ، .. ص16.

إنها وضعية زينة الطفلة التي لا تختلف عن وضعية الكثير من الأطفال...فيتابع السارد قائلا " موت الأطفال في الأسابيع أو الشهور الأولى أو السنوات الأولى من أعمارهم بات لا يزعج الناس و لا يتحسرون عليه ....موت الأطفال صار هو القاعدة " ص16 .

الفصل يباغتنا بظروف القهر و الضعف البشري أمام قوة الطبيعة .

-الفصل الثاني : زينة في ريعان شبابها : مرحلة عاشت فيها اليتم حيث فقدت والدتها ثم زواج أختها الكبرى مريم .

-الفصل الثالث : زينة الزوجة : 

يتزوج الاب من شقيقة فقيه المسجد ، تعيش زينة ظروفا صعبة جدا ، يقول السلرد على لسان زوجة الاب " أهاتان بنتاك اللتان حدثتني عن تربيتهما ..أي تربية هذه ...." ص90.

ثم زواج زينة من رجل تقول لها " توفلا " لقد وجدت لك عريسا ،تعجز الألسنة عن وصفه ....له مكانته بين أهل القرية ...من عقلائها و كبرائها ...

تردف " توفلا " و هي السيدة التي جاءت لزينة بالعريس " عمر هذا الرجل تجاوز الستين قليلا ....لكن الرجل لا ينقص الكبر من قيمته ،بل يزيده شرفا " ص 98.

لنا أن تخيل زفة زينة لرجل هي في عمر أبنائه....علما على أنها رفضت أن يقام لها عرس ... و في الغد الموالي خرجت معه إلى العمل و الحقول ..... 

- الفصل الرابع : زينة الأرملة و الأم 

هكذا ستصبح زينة مرة أخرى مع الزمن الذي لا يرحم وجها لوجه بعد وفاة زوجها و انقضاء ثلاث سنوات على الزواج .....يتابع السارد كشف هذا الوجع الذي كابدته وتحدته زينة قائلا: " لقد ظنت المسكينة أن بزواجها بشيخ في سن والدها ، و تضحيتها بشبابها ،قد انتشلت من العوز و الخوف و عدم الاستقرار ... " ص115 .

و ختاما يبقى ما قدمته من تحليل لهذا العمل الإبداعي قليلا أمام حجم القضية المجتمعية المطروحة في المتن السردي .

و يمكننا أن نقول انه آن الأوان لتربية الأنثى على أن تجد سعادتها و فرحتها في نفسها ...لا في غيرها .


ذة : مينة الحدادي رابطة كاتبات المغرب فرع اشتوكة أيت باها .

google-playkhamsatmostaqltradent